ويقول الأخباريون العرب : " وكان خطابًا أبكى العيون وحرّك القلوب " . وانتاب الحضورَ جميعًا نشيجٌ ونحيب ، ولكنّ الهروي لا يريد شيئًا من دموعهم فيقول لهم :
إن أسوأ ما يلجأ إليه المرء من سلاح أن يكسب الدمع بينما تُذكي السيوفُ نارَ الحرب .
وإذا كان قد سافر من دمشق إلى بغداد طوال ثلاثة أسابيع من أيام الصيف تحت أشعة الشمس المحرقة فما كان ذلك لاستدرار الشفقة ، وإنما لإخطار أرفع السلطات الإسلامية بالمصيبة التي حاقت بالمؤمنين والطلب إليها أن تتدخل بلا إبطاء لوقف المجزرة . وردّد الهروي قائلًا : " لم يسبق قطّ أن أُذِلّ المسلمون هذا الإذلال ولا أن نهبت بلادهم بمثل هذه الوحشية " . لقد كان كل من معه من رجال قد فرّوا من المدن التي نهبها الغازي ؛ وكان بعضهم من القلّة القليلة الناجية من أهل بيت المقدس . وقد اصطحبهم ليتيح لهم أن ينقلوا بأنفسهم وقائع المأساة التي عاشوا فصولها قبل شهر .