ما أشبه الخضوع ﻷفكار الغير بالعبودية ، وما أشبه إخضاع الغير ﻷفكارنا باﻻستعباد . إن التأثير في الغير يكسب الإنسان إحساس بالقوة ﻻ نظير له في الحياة . فما أجمل أن تمتد الروح إلى الخارج وتسكن في جسد آخر ، ولو للحظات معدودات . وما أجمل أن يسمع المرء آراءه ترتد إليه كرجع الصدى دافئة بنفس الشباب حلوة بإيقاع الحنون . وما أجمل أن يمتزج الطبع بالطبع امتزاج السائل السحري بالسائل السحري أو امتزاج العطور . إنها لذة ﻻ تساويها لذة ، ولعلها كل ما بقى لنا من مباهج الحياة في هذا العصر السوقي المحدود ، هذا العصر الغليظ الذوق الرخيص اﻷهداف الساعي وراء أفراح الجسد وحدها
لا جدال في أنّ العبقرية أطول أجلًا من الجمال , وهذه أفظع مأساة في حياتنا , و لذلك ترانا نحشو أدمغتنا بالحقائق و الترهات على السواء كيلا نفقد أمكنتنا من الحياة , و هي غاية سخيفة
كل صاحب مصلحة يريد منك أن تكون متوسطًا - متوسط الذكاء والفهم والقدرة ؛ فالشخص المتوسط مثله كمثل شجرة يأتي البشر إليها في كل وقت ، ويقتطعوا من أغصانها وثمارها وأوراقها النضرة ذا فهي لا تنمو أبدا فالشخص المتوسط لا تؤتى ثماره أبدًا ولا يزهر ولا يتضوع بالأريج ؛ فهو يتضاءل ليكون كالعشب ... والتوسط لكي يستمر لا بد أن يكون حالة عامة فالتوسط شيء أجنبي فرض على العقل قسرًا إنها حالة غير عادية ، استثنائية ، متميزة عن كينونتنا الحقة
يا عزيزي ، يا صديقي ، إن حب البشر على ما هم عليه أمر مستحيل . ومع ذلك يجب أن تحبهم . لذلك يجب أن تصنع لهم خيرًا وأن تكظم عواطفك وتسد أنفك وتغمض عينك ( هذا الشرط الأخير لا غنى عنه ) . تحمل ما يفعلون من شر ولا تؤاخذهم إن استطعت ، متذكرًا أنك أنت أيضًا إنسان. هذا لا ينفي أن من حقك أن تقسو عليهم إذا وهب لك أن كان ذكاؤك أعلى ولو بقليل من متوسط ذكائهم . البشر منحطون بطبيعتهم ، وهم يحبون أن يحبوا عن خشية وخوف . فلا تستسلمنّ لهذا الحب ، ولا تكف عن احتقارهم . فاحتقر البشر حتى حين يكونون طيبين