يبدو أن الكثير من الناس لا يسهل عليهم السماح لكل أفكارهم التلقائية بالتداعي الحر دون أن يمارسوا عليها نقدا عنيفا
والإبداع الأدبي خير مثال على تداعي حر للأفكار ، هذا إذا أولينا التصديق للشاعر والفيلسوف العظيم فردريك شيللر ، إذ يقول في إحدى رسائله إلى صديق يشكو له من نضب قريحته عن الإبداع : "أعتقد أن السبب في شكواك يرجع إلى استبداد عقلك بخيالك ، فإن العقل إذا غالى في إكثاب النظر في الأفكار التي ترد عليه كأنه واقف لها بالمرصاد وهي لا تزال على الأبواب ، لم يكن في ذلك نفع بل لعله يعرقل قريحة الإبداع ! فالفكرة إن أخذتها على حدة قد تبدو تافهة كل التفاهة ، غريبة أقصى الغرابة ، ولكن أخرى قد تتلوها فإذا هي ذات شأن ، أو هي قد ترتبط بأفكار غيرها تلوح في مثل سخفها فإذا هي الحلقة المفقودة ؛ فما يستطيع العقل أن يحكم على الكل إذا هو لم يمسك الفكرة أمدا كافيًا يتأملها مقرونة بأخواتها . وأما القريحة المبدعة - فيما يظهر لي - فمعها على العكس يرفع العقل الحراسة عن الأبواب ، تاركاً الأفكار تهجم شذر مذر
وأما أنتم يا حضرات النقاد فتستحيون هذا الجنون العابر الموقوت الذي يعرفه كل مبدع حقيقي ، ومن ثم شكواكم من العقم، فأنتم تنبذون سريعًا ، وتفرقون عسفا
تصحيح
إذ يقول في إحدى رسائله إلى صديق يشكو له من "نضوب" قريحته عن الإبداع