ولدت الرغبة في أعقاب نظرة مُفعمة بالإثارة والسفينة تشق طريقها ضد التيار الهادئ القوي في أواخر فصل الفيضان . بدأت الرحلة من مدينتنا سايس ماضية جنوبا إلى بانو بوليس لزيارة أختي التي استقر بها الزواج هناك . وذات أصيل مررنا بمدينة غريبة . مدينة تطل من أركانها عظمة غابرة ، ويزحف الفناء بنهم على جنباتها وأشيائها . مترامية بين النيل غربا ومحراب الجبل شرقا ، متعرية الأشجار ، خالية الطرقات ، مغلقة الأبواب والنوافذ كالجفون المسدلة ، لا تنبض بها حياة ولا تند عنها حركة ، يجثم فوقها الصمت وتخيم عليها الكآبة وتلوح في قسماتها أمارات الموت . أجلت فيها البصر فانقبض صدري ، وهرعت إلى أبي حيث يسترخي على أريكة فوق المنصة مجللا بشيخوخته وسألته :
- ما شأن هذه المدينة يا أبي ؟
تصحيح
بدأت الرحلة من مدينتني