وقلت لنفسي : إنه يقبل كصديق رغم شذوذ آرائه ولكن كيف يجلس بها على العرش ؟! لم أستطع قط أن أهضمه كفرعون من فراعين مصر ، ولم أتحول عن رأيي هذا في أي وقت من الأوقات ، ولا أستثني من ذلك أهنأ الأوقات ، وأحفلها بالسرور ، بل لعله تبدى لعيني في تلك الأيام السعيدة أوغل في البعد عن هيبة الفراعنة ومجدهم الخالد . وحدث أن انتدبت لتأديب بعض العصاة في طرف من أطراف الإمبراطورية قائدًا لأول مرة لحملة عسكرية . وهناك أحرزت نصرًا حامسًا فرجعت بالغنائم والأسرى . ونلت الجزاء تكريمًا نبيلاً من مولاي أمنحتب الثالث . وهنأني الأمير بسلامة العودة فدعوته لمشاهدة الأسرى . واستعرضهم وهم وقوف شبه عرايا يرسفون في الأغلال . رنا إليهم طويلاً فنظروا نحوه مستعطفين كأنما لمسوا الضعف في أعماق نظرته . وأظلت وجهه غمامة كآبة ، وقال لهم برقة :
اطمئنوا فلن يمسكم أذى !
وهاج خاطري ; لأنني كنت على يقين من أنهم سيلقون ألوانًا من التأديب حتى يتعودوا على النظام والعمل .